نشأت فكرة إقامة الأكاديمية كمعهد إقليمى للنقل البحرى فى إجتماعات لجنة المواصلات بجامعة الدول العربية فى 11 مارس عام 1970 بصدور قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم 2631/1970 بدورته الثالثة والخمسين بالموافقة على إنشاء مركز إقليمى للتدريب على أعمال النقل البحرى، وقد نص القرار على تكليف جمهورية مصر العربية نيابة عن الدول العربية بطلب معونة فنية من المنظمات المتخصصة للأمم المتحدة فى مجال النقل البحرى.
وفى نهاية عام 1971 أوفدت الأمم المتحدة لجنة مشتركة من منظماتها المعنية لدراسة مدى احتياج المنطقة لهذا المشروع وقد أوصت بضرورة إنشاء معهد تدريب بحرى إقليمى وتوفير المعونة اللازمة له ووافق البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة (UNDP) على إعتماد مبلغ 3.2 مليون دولار على أن تساهم الدول العربية المشتركة بمبلغ 8.25 مليون جنيها مصريا على مدار خمس سنوات كما أوصت أيضا اللجنة بعد زيارة العديد من دول المنطقة بإختيار مدينة الأسكندرية ذات المكانة الحضارية العريقة كمقر لهذا المشروع الهام من منطلق تميز موقعها الجغرافى الذى يتوسط المنطقة العربية ووفرة الكوادر المؤهلة.
كذلك أعد برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) وثيقة مشروع الأكاديمية العربية للنقل البحرى بالأسكندرية رقم (REM/71L286/01/19) بالتعاون مع المنظمة الإستشارية البحرية للحكومات (IMCO) بصفتها وكالة منفذة للمشروع ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) بصفته وكالة مشاركة.
بدأت الأكاديمية نشاطها بمقر مؤقت بمدينة الأسكندرية (1) فى 28 فبراير 1972 وتم تخصيص معونة فنية للمشروع لمدة خمس سنوات قدرها 2.3 مليون دولار على هيئة خبراء وبعثات ومعدات تدريبية ثم إمتد المشروع سنتين مع زيادة الإعتماد المالى إلى 3.6 مليون دولار.
وقد أوفت جمهورية مصر العربية بإلتزامها طبقا للبند الثامن فى وثيقة المشروع والذى يحدد إسهامات الحكومات فقامت بتوفير مايلى:
كما تعهدت جمهورية مصر العربية بتغطية أى عجز فى الإسهام الجارى للدول العربية المشتركة ضمانا لإستمرار المشروع فى ضيافة مصر.
وفى عام 1972 قام معالى وزير النقل البحرى المصرى وقتذاك "اللواء بحرى/ عبد المعطى إسماعيل العربى" بتوقيع الوثيقة تأكيدا على إلتزام جمهورية مصر العربية بصفتها الدولة المضيفة.
وفى التاسع من نوفمبر عام 1974 وقع ممثلو حكومات الدول العربية فى مقر جامعة الدول العربية إتفاقية إنشاء الأكاديمية العربية للنقل البحرى والموضحة لإلتزامات الدول العربية المشتركة فى المشروع ثم صدر على أثر ذلك قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 532 لسنة 1975 بالموافقة على الإتفاقية فى 29 مايو 1975.
وعلى أثر إنشاء مصنع سماد اليوريا بجوار مقر الأكاديمية قرر وزراء النقل العرب نقل مقر الأكاديمية وتكليف مديرها ببيع مبانى ومنشآت الأكاديمية فى منطقة الطرح بالإسكندرية وإختيار أرض بديلة وقرر مجلس إدارة الأكاديمية الموافقة على إنتقال المقر الدائم للأكاديمية إلى أرض المنتدى بمنطقة أبى قير فى الإسكندرية على مساحة 52 فدان وعلى أن تقوم جمهورية مصر العربية بإقامة المبانى والمنشآت الجديدة بتكلفة قدرها إثنى عشر مليونا (12.296.000 مليون جنيه مصرى) وهى حصيلة بيع موقع الأكاديمية بالطرح للقوات المسلحة لإستخدامها كمقر لكلية الدفاع الجوى.
وظلت الأكاديمية تمارس أنشطتها من خلال مقار مؤقتة متفرقة فى مدينة الأسكندرية لحين إنتهاء مقرها الدائم فى أبى قير ولكنها أقامت بمواردها الذاتية مبناها الإدارى فى ميامى بمنطقة سيدى بشر فى الإسكندرية على ربوة مساحتها 650 مترا مربعا وبتكلفة تزيد عن مليون جنيه مصرى (1.112.263 جنيه مصرى) وقام بإفتتاحه معالى وزير النقل والمواصلات المصرى فى 23 مارس 1985 ويضم إلى جانب المكاتب قاعة مؤتمرات مجهزة بالإضافة إلى مقر مركز البحوث والإستشارات لقطاع النقل البحرى والذى أنشئ فى عام 1984 وكذلك جهاز الإمتحانات الذى أنشئ فى عام 1979 وتقدر الأن قيمة المبنى بعشرة ملايين جنيه مصرى على وجه التقريب.
وفى عام 1979 قررت الأكاديمية إنشاء جهاز الإمتحانات لتأهيل الربابنة والضباط والمهندسين البحريين للحصول على شهادات الأهلية للعمل على ظهر سفن أعالى البحار وقامت الأمم المتحدة بتوفير الحاسب الألى لحفظ أسئلة الإمتحانات وإجاباتها النموذجية وتجددت معونة الأمم المتحدة تحت نظام المشاركة فى التمويل حتى نهاية عام 1986 فى إطار حرص الأكاديمية الدائم على إستمرار علمى الأمم المتحدة والمنظمة البحرية الدولية International Maritime Organization خفاقين إلى جانب علم جامعة الدول العربية.
وعلى إثر قيام جمهورية مصر العربية بتوقيع اتفاقية السلام بكامب ديفيد عام 1979 وصدور قرارات مؤتمر قمة بغداد تم نقل مقر جامعة الدول العربية إلى تونس ومن ثم نقل مقر الأكاديمية إلى إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة وتوقفت إسهامات الدول العربية باستثناء دولة السودان قد أصبح مطلوبا من الأكاديمية فى ظل هذا الموقف إدارة أنشطتها وإستمرار خدماتها وإعادة بناء مبانيها وتجهيزها فى الموقع الجديد دون أية موارد عربية.
وفى الوقت الذى توقع فيه الجميع عجز الأكاديمية عن الاستمرارية على النحو السالف، فقد كان لإصرار جمهورية مصر العربية ودعمها المستمر الفضل الأول فى الحفاظ على هذا الصرح الكبير وكانت نقطة التحول التاريخية فى مسيرة الأكاديمية هى قرار جمهورية مصر العربية بدعم وإستمرار الأكاديمية وتحمل تكاليف بناء موقع الأكاديمية الجديد.
ويرجع لهذا الموقف الحضارى من قبل جمهورية مصر العربية الفضل الأول فى إستمرار هذا الصرح الكبير والحفاظ عليه لصالح الدول العربية.
وفى أكتوبر 1981 تم تشكيل اللجنة المؤقتة المخولة بسلطات مجلس الإدارة برئاسة معالى المهندس سليمان متولى وزير النقل والمواصلات بجمهورية مصر العربية لتباشر مسئولياتها وفقا لما تضمنته إتفاقية إنشاء الأكاديمية الموقعة من الدول العربية الأعضاء وطبقا لوثيقة المشروع الموقعة مع الأمم المتحدة والمنظمة البحرية الدولية.
وبهمة الرجال بدأت المرحلة الشاقة التى تجلت فيها الجهود المخلصة للعاملين بالأكاديمية حفاظا على هذا الصرح العربى.
فى سبتمبر عام 1994 وإزاء تناقص أعداد الدارسين المقبلين على العمل فى قطاع النقل البحرى والإرتفاع الكبير فى تكاليف التعليم والتدريب البحرى وإتجاه الأساطيل العربية وملاك السفن إلى العمالة الأسيوية منخفضة التكاليف وفى ظل تطبيق سياسة التمويل الذاتى التى أقرها مجلس وزراء النقل العرب فى نوفمبر 1989 بإمارة الشارقة فى دولة الإمارات العربية المتحدة كان لزاما على الأكاديمية أن تبحث عن مصادر تمويل من خلال أنشطة جديدة ومسارات مستحدثة لتحافظ على نشاطها الأساسى فى دعم خدمة التعليم والتدريب البحرى فى مواجهة متغيرات الواقع العربى والعالمى وكان توسع الأكاديمية فى مجال الهندسة وإدارة الأعمال فى إطار ايمانها الكامل بتقديم نوعية متميزة من الخدمات التعليمية والتدريبية معتمدة فى ذلك على نقاط القوة فيها وعلى سمعتها العربية والدولية فى الإتقان.
وإستلزمت تلك التغييرات تعريض مسمى الأكاديمية وتوسيع مجالاته ليمثل نقطة جذب للدارسين وليضمن مصادر التمويل المطلوبة لدعم التعليم البحرى المرتفع التكاليف وليعكس الواقع الذى تعيشه الأكاديمية فأصبح مسماها الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا "جامعة متخصصة فى النقل البحرى" وتم معادلة الشهادات التى تمنحها بمثيلاتها التى تمنح فى جامعات جمهورية مصر العربية وحصلت على الإعتراف العربى والدولى من واقع تميزها الرفيع والمشهود له.
وفى خلال خمس سنوات منذ عام 1991 حتى عام 1996 تميزت خدمات التعليم والتدريب البحرى من خلال الدعم المستمر لوزارة النقل والمواصلات بجمهورية مصر العربية وحصلت الأكاديمية فى عام 1992 على أحدث سفينة للتدريب "عايدة -4" كمنحة من الحكومة اليابانية وهى بهذا الإنجاز تكون قد أضافت إلى رصيد جمهورية مصر العربية فى دعمها لمجالى التعليم والتدريب البحرى.
ونتيجة تميزها وسمعتها على المستوى الدولى، حصلت الأكاديمية فى عام 1994 على أحدث مجمع للمحاكيات فى العالم تم تنفيذه على مرحلتين كمنحة من الحكومة الأمريكية وامتد التعاون مع الجانب الأمريكى لإنشاء مركز متطور لنقل التكنولوجيا، وأصبحت الأكاديمية قادرة على أن تتبوأ مكانتها على المستوى الدولى وتخطت مرحلة الإقليمية إلى آفاق العالمية فى ظل امتلاكها لأحدث سفينة تدريب وأحدث مجمع للمحاكيات بالإضافة إلى عدد الفرص الدراسية التى وفرتها وتخطت المائة وعشرين ألف فرصة فى ذلك الوقت لأبناء أكثر من 58 دولة الأمر الذى أثمر عن إختيار كلية النقل البحرى والتكنولوجيا بواسطة البنك الدولى فى مناقصة محدودة لتطوير التعليم البحرى فى بنجلاديش من بين أربعة هيئات عالمية تمثل التجمع النرويجى السويدى والمجموعة الهولندية والمجموعة الدنماركية وكان هذا فى حد ذاته إنجازا مرموقا وتم إختيار عرض الأكاديمية كأفضل العروض الفنية والمالية لتنفيذ هذا المشروع الدولى الكبير والذى وضع الأكاديمية فى قائمة بيوت الخبرة فى مجال النقل البحرى لدى البنك الدولى والمجتمع البحرى العالمى.
وفى شهر أكتوبر عام 1996 أصبح من الأهمية بمكان بعد إجتياز الأكاديمية للعواصف العاتية وتثبيت أقدامها فى مجال العلوم والتكنولوجيا للهندسة والإدارة أن تستثمر إنجازها فى مجال النقل البحرى بتعديل مسماها من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا "جامعة متخصصة فى النقل البحرى" إلى مايبرز النقل البحرى فى صلب المسمى ليكون "الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى".